المشاكل الناجمة عن اختلاف التنازع الإيجابي (تعدد الجنسيات) والتنازع السلبي ( انعدام الجنسية)
خطة البحث :
مقــــدمة
المبحث الأول : ماهية التنازع الإيجابي (التعدد )
- المطلب الأول: مفهومه وأسبابه
- المطلب الثاني : مشاكله والحلول الوقائية والعلاجية
المبحث الثاني : ماهية التنازع السلبي (الانعدام )
- المطلب الأول : مفهومه وأسبابه
- المطلب الثاني : مشاكله والحلول الوقائية والعلاجية له
خـــاتمة
قواعد الجنسية تحددها كل دولة وفق :
· قواعد محددة وضعها بصفة انفرادية
· < /SPAN>ووفق مصطلح حرية الدولة تضع هذه القواعد لتحقيق مصالحها أهدافها
· هذا أدى إلى اختلاف الأسس من دولة إلى أخرى
واختلاف الشروط القانونية الواجب توفرها على الجنسية
هذا ما عالجه الفقه تحت عنوان :
تعدد الجنسيات ــــــ تنازع إيجابي
انعدام الجنسية ــــــ تنازع سلبي
لهذا كانت الإشكالية التالية :
ماهية التنازع بنوعيه الإيجابي عند تعدد الجنسيات أو السلبي عند الانعدام ؟ وما هي المشاكل الناتجة عنه ؟
وما هي الحلول المقترحة لتفادي هذا المشكل ؟
1- التنازع الإيجابي :
أ- مفهومه : هو تنازع الجنسيات تنازع إيجابي أي تمتع الشخص بجنسيتين أو أكثر بصفة قانونية وصحية ضمن الطرق القانونية في تلك الدولة التي يحمل جنسيتها
ب- أسبابه:
* أسباب معاصرة للميلاد :
1- اختلاف أساس الجنسية بين الدول
2- اختلاف جنسية الأب عن جنسية الأم
3- تعدد جنسية الأب أو الأم المبنية على علاقة الدم
4- تغيير جنسية الأب بعد الحمل وقبل الولادة
· أسباب لاحقة :
1- التجنس
2- الزواج المختلط < /FONT>
3- استرداد الجنسية
4- ضم جزء من إقليم دولة إلى دولة أخرى
ج- مشاكل هذا التعدد
1- تأدية الخدمة العسكرية
2- عدم استطاعة الشخص في حالة الحرب بالدفاع عن الدولتين في آن واحد معا
3- اعتبار الشخص المتمتع بالجنسيتين خائنا
4- تعدد ظاهرة تعدد الجنسيات مع مفهوم الجنسية
5- الحماية الدبلوماسية في حالة تعدد الجنسيات لشخص واحد
6- & nbsp; تعارض إلتزامات الشخص المتعدد الجنسية وعدم استطاعته القيام بها في وقت واحد
د- الحلول الوقائية والعلاجية لمحاربة ظاهرة تعدد الجنسيات :
1- الحلول الوقائية : نادى بها الفقه وعملت بها بعض التشريعات وأيدها القضاء
· توحيد الأساس الذي تب نى عليه الجنسية بين كافة الدول
· الأخذ بالأولوية بين أسس الجنسية
· التقادم المسقط للجنسية
· ضرورة انفراد الأباء في الدولة المانعة لجنسيتها بناءا على حق الدم
· تلاقي التعدد عن طريق التجنيس
· محاربة التعدد عن طريق الزواج
· محاربة التعدد عن طريق حق الإختيار
2- الحلول العلاجية : مصدر هذه الحلول فقهيا وتشريعيا وأحكام قضائية ودولية ومعاهدات دولية
· تطبيق قانون جنسية القاضي : ( أخذ بها المشرع الجزائري في المادة 22/2 من القانون المدني )
· الأخذ بالجنسية الفعلية
· الأخذ بالجنسية الأقرب إلى القاضي
· تفضل الجنسية الأولى على باقي الجنسيات
< FONT color=#000000>· الاقتداء بمعيار الموطن المتعدد الجنسيات
· الأخذ بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية
· المعاهدات خاصة بالخدمة العسكرية : - اتفاقية مجلس أوربي لسنة 1963
- بروتوكول الملحق باتفاقية لاهاي سنة 1930
2/ التنازع السلبي :
أ- مفهومه : هو انعدام جنسية الشخص ميلاده أو يكون من تاريخ لاحق للميلاد هذا يرتب عدم التبعية السياسية والقانونية لأي دولة من يجعل الشخص متعرض لعدة مشاكل
أ- * أسبابه
1- &nb sp; * أسباب انعدام الجنسية المعاصرة
· اختلاف الأساس القانوني بين الدول
· الميلاد فوق دولة تبنى جنسيتها على حق الدم من أبوين عديمي الجنسية أو مجهولي النسب
· ونص المشرع الوطني منح الجنسية لبعض من العناصر
2- الأسباب اللاحقة التي تؤدي إلى الانعدام :
· السحب والإسقاط ( التجريد )
· الزواج
· التجنس
ج- المشاكل المترتبة على هذا الانعدام : هناك جملة من المشاكل القانونية متعددة الجوانب يصعب تحديدها لأن عديم الجنسية يصبح من ناحية قانونية وفق لمفهوم الجنسية لا يرتبط بأي دولة رغم هذا نجد :
1- عدم الحماية القانونية
2- عدم وجود موطن قانوني لعديم الجنسية
3- ; طرد عديم الجنسية وابعاده من كل الدول
4- عدم إمكانية تحديد حقوق وواجبات عديم الجنسية
5- صعوبة تحديد القانون الواجب التطبيق على الأحوال الشخصية لعديم الجنسية
د- الوسائل الوقائية والعلاجية لمحاربة انعدام الجنسية :
1- الوسائل الوقائية :
· الوسائل المعاصرة للميلاد : هذه الوسائل تكون بعد الميلاد
- عن طريق التجنس
- عن طريق الزواج
- التخفيف من نزع الدولة لجنسية الشخص
* الوسائل العلاجية :
أولا : بالنسبة إلى القانون الواجب التطبيق على الأحوال الشخصية (عديم الجنسية ):
1- الأخذ بقانون الدولة التي ولد فيها عديم الجنسية
2- الأخذ بقانون آخر دولة تمتع عديم الجنسية بجنسيتها
3- الأخذ بقانون القاضي
4- الأخذ بقانون الدولة التي يرتبط بها عديم الجنسية من الناحية الواقعية أكثر من بقية الدول
ثانيا : بالنسبة إلى تحديد مركز عديم الجنسية بين الأجانب :
اختلافهما في المركز القانوني بين :
1- أجانب
2- عديم الجنسية
يولد نتائج :
* أن عديم الجنسية لنظام خاص يراعى فيه وضعيته :
1- يستطيع أن يعيش فوق إقليم الدولة التي يتمتع بجنسيتها ويتمتع بحمايتها
2- تمتعه ببعض ال وثائق التي تسهل له التنقل عبر الحدود بين الدول
3- إعطاؤه وثائق سفر دولية من طرف هيئة الأمم المتحدة ليستطيعى التنقل من مكان إلى آخر
4- التمتع ببعض الحقوق التي تمتع بها بعض الأجانب في مقابل تأديته لبعض الالتزامات مثل الخدمة العسكرية
ثالثا : بالنسبة للإبعاد :
يرى هذا الفريق : أن لا ضرورة من إبعاد أي شخص من ترابه يكفي تعويض هذه العقوبة بعقوبة أقل درجة
نقد لم يلقى تأييد من طرف كل الدول لأن الدول تتمتع بمبدأ حريتها فوق إقليمها واتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لتحقيق مصالحها
خاتمة : تعرض لكل من تنازع سلبي أو إيجابي والمشاكل والحلول إلا أن الحلول تحتاج إلى المزيد لتخفيف حدة هذه المشاكل
المبحث الأول : عناصر قواعد الإسناد
المطلب الأول : الفئة المسندة
المطلب الثاني : ضابط الإسناد
المبحث الثاني : مميزات قاعدة الإسناد
المطلب الأول : قواعد الإسناد قواعد غير مباشرة
المطلب الثاني : قواعد الإسناد قواعد مزدوجة
المطلب الثالث : قواعد الإسناد قواعد محايدة
مقدمة
بعد إنتهاء القاضي من عملية التكييف ومحاولته إدخال العلاقة القانونية في أخذ النظم المعية في قانونه ينتقل إلى البحث على القانون الواجب التطبيق على العلاقة محل النظر وهذا ما يعرف بالإسناد .
فالإسناد عملية تأتي بعد عملية التكييف وهو كما قلنا عملية البحث عن القانون الواجب التبيق أي أسند حكمها إلى القانون الذي يجب أن تخضع له . ولكي نتمكن من الخوض أكثر في الإسناد وقواعده لابد م ن طرح الإشكالية الآتية :
ماهي عناصر الإسناد ؟ وماهي خصائص ومميزات هذه القواعد ؟
المبحث الأول : عناصر قواعد الإسناد
تتركب قاعدة الإسناد من عنصرين هما : الفئة المسندة وضابط الإسناد
المطلب الأول : الفئة المسندة أو ما يسمى بالفكرة المسندة
نظرا لكثرة المسائل القانونية بحيث لا يمكن حصرها ولا وضع لكل منها قاعدة إسناد خاصة بها . فقد قام المشرع بتصنيف العلاقات ذات الصفة الأجنبية إلى فئات متعددة تشتمل كل فئة منها على مجموعة العلاقات المتشابهة وهذه الفئات تسمى الفئات المسندة أو أفكار مسندة .
ثم يقوم المشرع بربط كل فئة بقانون معين عن طريق معيار خاص هو ضابط الإسناد .
ومثال ذلك إخضاع الأهلية لقانون الجنسية م 10 ق.م.ج فهي بذلك تشكل فئة مسندة تتضمن جملة من المسائل القانونية ومثال ذلك كذلك إخضاع الإلتزامات التعاقدية لقانون الإرادة م 18 ق.م.ج ( عقد إيجار، عقد وديعة .... ) .
وتشكل التصرفات القانونية مشتملة على عنصر أجنبي فإن أول عمل يقوم به القاضي هو البحث عن الفئة المسندة التي تندرج تحتها تلك المسألة ليعرف القانون الواجب التطبيق عليها .
المطلب الثاني : ضابط الإسناد أو ما يسمى بظرف الإسناد
هو المعيار الذي يختاره المشرع للإرشاد إلى القانون الواجب التطبيق أو أداة ربط بين الفئة المسندة والقانون المسند إليه .
فمثلا في المادة 11 ق.معندما أخضع المشرع الجزائري فقاعدة الإسناد هذه جعلت من الجنسية ضابطا للإسناد وخضوع شكل التصرفات القانونية لقانون بلد الإبرام قد جعلت هذه القاعدة بلد الإبرام ضابطا لللإسناد .
يفترض أن لكل فئة مسندة ضابط إسناد وحيد يتحدد بمقتضاه القانون الواجب التطبيق إلا أنه يمكن أن يكون لكل فئة أكثر من ضابط ومثال ذلك المادة 16 / 2 ق.م.ج التي تبين أن شكل الوصية يخضع لقانون الموصي أو لقانون البلد الذي تمت فيه الوصية والضابطان هنا إختياريان : قانون الموصي أو البلد الذي تمت فيه الوصية .
وقد يكون الضابط الأول أصلي والثاني إختياري يؤخذ به في حالة تعذر الأخذ بالأول ومثال ذلك المادة 18 ق.م.ج التي تجعل للإلتزامات التعاقدية قانون الإرادة وهو الضابط الأصلي وقانون بلد الإبرام هو الإحتياطي .
وهذا بالنسبة لعناصر قاعدة الإسناد وهناك من يضيف عنصرا ثالثا وهو القانون المسند إليه ويقصد به أن يكون القانون المختص وهو قانون دولة معينة ثبت لها كيان وفقا لأحكام القانون الدولي العام وتكون دولة القاضي معترفة بها ذلك لأن عدم الإعتراف ينبني عليه إنعدام الشخصية القانونية لدولة غير المعترف بها .
المبحث الثاني : مميزات قواعد الإسناد
تختص قواعد الإسناد بثلاثة مميزات تنفرد بها عن غيرها من قواعد القانون الدولي الخاص الأخرى ، وهذه المميزات هي :
1/ أنها قواعد غير مباشرة
2/ أنها قواعد مزدوجــة
3/ أنها قواعد محايـــدة
المطلب الأول : قواعد الإسناد غير مباشرة
لا ترشد قواعد الإسناد القاضي إلى الحل النهائي للنزاع محل نظره بل تكتفي ببيان قانون الذي يخضع له هذا النزاع ، وفي هذا القانون يجد القواعد القانوية التي سيطبقها عليه النزاع في حالة وجود عنصر أجنبي .
فمثلا قاعدة الإسناد الخاصة للأهلية لا تبين لنا السن الذي عند بلوغه يكون الشخص كامل الأهلية وإنما تكتفي فقط ببيان القانون الذي سيتكفل ببيان هذا السن وهكذا لجميع قواعد الإسناد بخلاف قواعد القانون الدولي الخاص الأخرى التي تعطي الحل مباشرة للنزاع فالقواعد المنظمة للجنسية تبين مباشرة من هم رعايا الدولة ، والقواعد المنظمة لمركز الاجانب تبين مباشرة الحقوق التي يتمتع بها الأجنبي والإلتزامات التي يتحملها وهكذا ...
المطلب الثاني : قواعد الإسناد قواعد مزدوجة
يقصد بالصفة المزدوجة لقاعدة الإسناد أنها تجعل الإختصاص إما للقانون الوطني، وإما للقانون الأجنبي وذلك حسب نوع المسألة القانونية
فمثلا القاعدة التي تقضي بخضوع الأهلية لقانون الجنسية قد تشير إختصاص القانون الجزائري ، وقد تشير بإختصاص القانون الأجنبي ، وذلك حسب الجنسية التي يحملها المعني.
وتفيد هذه الميزة في قاعدة الإسناد أنها لا تترك فراغا في مشكلة التنازع إذ أنها تجعل الإختصاص بالنسبة المسألة المطروحة على القاضي أما لقانونه أو للقانون الأجنبي .
وينتقد بعض الفقهاء هذه الميزة في قاعدة الإسناد حين يرى أن تقتصر فقط على بيان الأحوال التي يطبق فيها القانون الوطني دون الإشارة إلى الأحوال التي يطبق فيها القانون الأجنبي ، فيريدها بذلك أن تكون مفردة وليست مزدوجة ، كنص القاعدة الواردة في المادة 3/فقرة 3 من القانون المدني الفرنسي والتي تقضي بأن ((القوانين الخاصة لحالة الأشخاص وأهليتهم تحكم الفرنسي ولو كان مقيما في بلد أجنبي ))
ومن الحجج التي يبديها هؤلاء الفقهاء أن الدولة لا يمكن أن تعطي الإختصاص لقانون دولة أخرى في حالة ما إذا كانت هذه الدولة ترفض الإختصاص المحول لقانونها .
لو سلمنا –جدلا- بما ذهب إليه هؤلاء الفقهاء لوجدنا قصورا واضحا في إيجاد حل في حالتين:
الأولى : لما تستند لها كل دولة لها علاقة بنزاع الإختصاص لقانونها .
الثانية : لما ترفض كل دولة لها علاقة بنزاع جعل الإختصاص لقانونها هذا القصور دفع القضاء الفرنسي إلى إعتبار قاعدة الإسناد الواردة في م 3 من ق.م.ق –سابقة الذكر- مزدوجة رغم ورودها مفردة فقال بأنه إذا كان القانون الفرنسي هو المطبق على الفرنسيين حتى ولو كانوا في الخارج ، فبمفهوم المخالفة فإن القوانين الشخصية للأجانب الخاصة بحالتهم وأهليتهم، تتبعهم حتى ولو كانوا في فرنسا .
المطلب الثالث : قواعد الإسناد قواعد محايدة
القاضي عندما يعمل قاعدة الإسناد فإنه يجهل نوع الحل الذي سيعطيه للنزاع لأن ذلك متوقف على معرفة مضمون القانون الذي سيطبقه على النزاع ، وهذا القانون قد يكون قانونه وقد يكون قانونا اجنبيا .
هذه الميزة لا توجد في القواعد القانونية ال أخرى غير أن بعض الفقهاء لا يقرون بذلك ويرون أن صفة الحياد تشمل كل القواعد القانونية .
الخاتمة
إن قاعدة الإسناد هي جزء من قانون القاضي يتعين عليه تطبيقها من تلقاء نفسه ولإعتبارات تتعلق بصميم النظام العام ولتحقيق التعايش المشترك بين النظم القانونية المختلفة .
فالقاضي لما قلنا عندما تعرض عليه مسألة قانونية ذات عنصر أجنبي يبحث عن الفئة التي يمكن أن يدرجها تحتها من بين الفئات التي تتضمنها قواعد الإسناد في قانونه .
وبعد أن يحدد الفئة يكون قد عرف القانون الواجب التطبيق عليها وهذه المعرفة لا تنهي كل أشكال بل يطرا إشكال آخر وهو هل القاضي يرجع إلى القانون الأجنبي بإعتباره كلا لا يتجزأمما يفرض عليه إستشارة قواعد الإسناد التي يتضمنها أم أنه يرجع مباشرة إلى القواعد الموضوعية التي يتضمنها ويطبقها على العلاقة القانونية المطروحة عليه وهو بذلك يستبعد قواعد الإسناد التي يتضمنها وهذ ما يعرف بالإحالة والتي سيتناولها الزملاء في البحث المقبل
المبحث الأول: التكييف وفقا لقانون القضية وتمسك الطاعن كراسلانيس به
المطلب الأول : تعريف التكييف ومضمونه وفقا لقانون القضية ونتائجه المثارة في النزاع
الواقع هو أن تحديد الوصف القانون الملائم للعلاقة القانونية مسألة مقررة قبل أن يطبق القاضي القانون المختص على الوقائع محل النزاع سواء في القانون الداخلي أو الدولي .
مثلا : قاضي لتحقيق يحدد ما إذا كان سلب مال الغير هو من قبيل السرقة أو النصب أو خيانة الأمانة كذلك القاضي لمدني يفصل أولا في ما إذا كان اتفاق الأطراف موضوعه وعد بالبيع أو بيع متوقف على شرط .. وهكذا يجب تحديد الطبيعة القانونية قبل تطبيق القانون عليه ، ويمارس القاضي هذه المهمة بتكييف الوقائع ضمن تفسير أحكام القانون تستخلص من هذا أن التكييف عملية أولية معروفة في القانون الداخلي لكن التكييف في القانون الدولي الخاص شيء آخر حيث أن القاضي لما تفرض عليه مسالة قانونية ذات عنصر أجنبي فإن أول ما يقوم به هو البحث عن الفئة التي يمكن أن يدرجها تحتها من بين الفئات التي تتضمنها قواعد الإسناد في قانونه فنقول أنه قام بالتكييف .
إذن : فالتكييف في القانون الدولي الخاص يؤدي إلى وضع المسألة محل النزاع ضمن فئة من الفئات النظم القانونية المقررة في قانون القاضي تمهيدا لإسنادها إلى القانون المختص .
كما يمكن أن نعرف التكييف بأنه تحديد طبيعة المسألة التي تتنازعها القوانين لوضعها في إحدى الفئات القانونية التي خصها المشرع بقاعدة إسناد .
بمعنى أن التكييف في القانون الدولي الخاص يختلف عنه في القانون الداخلي من حيث الهدف ففي القانون الداخلي يؤدي التكييف إلى تحديد النص القانوني الموضوعي الواجب التطبيق فلما يكيف القاضي المدني الرابطة التعاقدية بأنها عقد بيع مثلا مباشرة تطبق على هذا العقد قواعد عقد البيع المتضمنة في القانون المدني أم التكييف في القانون الدولي الخاص يؤدي إلى وضع المسألة محل النزاع ضمن طائفة من طوائف النظم القانونية المقررة في قانون القاضي وذلك تمهيدا لإسنادها إلى القانون المختص ففي قضية الحال لما قام القاضي في النزاع المطروح عليه بالنظر إليه حلل المسألة المتعلقة بعقد الزواج وأعطاه وصف شكل التصرفات وبالتالي أدخله ضمن فئة شكل العقود ولم يدخله ضمن فئة الأهلية للأشخاص .فالقاضي هنا يبحث عن الفئة المسندة التي تشمل المسألة القانونية ال مطروحة عليه وهي الفئة المتعلقة بشكل العقود وهذه العملية ما هي إلا تكييف أولي الهدف منه هو معرفة القانون الواجب التطبيق .
إن الأساس الذي يقوم عليه نظرية قانون القضية هو أن الرجوع إلى القانون غير القانون المختص يرتب نتائج غير منطقية وغير مقبولة إذ قد يؤدي ذلك إلى عدم تطبيق القانون المختص على الرغم من أن مشرعه الوطني قد أعطى له الاختصاص وأراد له أن يطبق
والتكييف ليس هو المشكلة في حد ذاته وإنما المشكل في التنازع في التكييف أي انه إذا كانت المسألة القانونية المطروحة على القاضي لها علاقة بقوانين عدة دول مثل القضايا الثلاث التي طرحت على القضاء الفرنسي وهي :
قضية مي راث المالطي –وصية الهولندي – زواج اليوناني .
وتتلخص وقائع قضية ميراث المالطي في : بعد انعقاد الزواج في مالطا انتقل الزوجان إلى الجزائر –كانت تابعة لفرنسا ذلك الوقت – واتخذا منها موطنا لهما وتملك الزوج بعض العقارات ثم توفي ، طالبت الزوجة بعد وفاة زوجها بحقها في ترك من عقارات مدعية أمام محكمة الجزائر أن لها حقا على العقارات المتروكة يسمى " بنصيب الزوج المحتاج " وهو حق مقرر لها بمقتضى نصوص القانون المالطي فتردد القاضي المعروض عليه النزاع بين تطبيق القانون المالطي والقانون الفرنسي .
لو أعتبر هنا ما تطلبه الزوجة حقا في الميراث لخضع للقانون الفرنسي وذلك وفقا لقاعدة الإسناد فيه والتي تقضي بإخضاع الميراث في العقار لقانون موقعه وإذا ما اعتبر ما تطالب به الزوجة من نظام الأموال بين الزوجين لخضع للقانون المالطي وذلك وفقا لقاعدة الإسناد في القانون الفرنسي التي تقضي بإخضاع النظام المالي للزوجين لقانون الإرادة الضمنية أي قانون موطن الزوجية وهو القانون المالطي إذن إذا اعتبرت محكمة الاستئناف الجزائرية طلب الزوجة المالطية من الميراث فإن القانون الفرنسي هو الواجب التطبيق في هذه لحالة وفقا لقواعد الإسناد الفرنسية بوصفه قانون موقع العقار وهذا يترتب عليه رفض إدعاء الزوجة لأن القانون الفرنسي يجهل الحق المسمى " نصيب الزوج المحتاج ".
أما إذا كيفت المحكمة الموضوع على أنه يتعلق بالنظام المالي للزوجين فإن القانون المالطي هو الواجب التطبيق وذلك وفقا لقواعد الإسناد الفرنسية بوصفه قانون الموطن الأول للزوجية وهنا يتعين الحكم بأحقية الزوجة في دعواه .
نلاحظ أن الفكرة الرئيسية لاتجاه قانون القضية أن لكل قانون تكييفاته والمقصود بذلك أن يرجع القاضي عند قيامه بتحديد طبيعة المسألة المتنازع فيها إلى القانون الواجب التطبيق عليها دون البحث في القوانين الأخرى لقانون القاضي أو القانون المقارن ففي مثال وصية الهولندي يجب إجراء تكييف القاعدة الواردة في المادة 992 من القانون المدني الهولندي التي تجبر على الهولنديين حتى خارج هولندا إجراء وصاياهم في الشكل العرفي الخطي وفقا للقانون الهولندي فلما كان هذا القانون يعتبر هذا الخطر متعلقا بأهلية الهولنديين فإن أي تكييف غيره يعطى له يعتبر تشويها لطبيعته الحقيقية .
ويرى جانب من الفقهاء القانون الدولي الخاص وعلى رأسهم " ولف " أن تحديد طبيعة العلاقة أو المركز محل النزاع يجب أن يتم وفقا للقانون المختص بحكم الموضوع هذا ، فإذا قرر المشرع إخضاع شكل التصرفات لقانون بلد إبرامها ، فإن تحديد فكرة الشكل هو أمر يتعين الرجوع في شأنه إلى قانون بلد إبرام التصرف
وفي قضية الحال المثارة في قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 22/06/1955 فإن زواج اليوناني " كراسلانيس " في فرنسا رواجا مدنيا فطبقا لقانون القضية فإن القانون اليوناني هو الذي يبين ما إذا كان شرط المراسيم الدينية الذي يشترطه هو شرط موضوعي أم شرط شكلي ، وهذا ما تمسك به الطاعن " كراسلانيس " في قضية الحال حيث طعنه أسس على وجه مضمونه :
بأن الزواج غير موجود أصلا في نظر القانون اليوناني الذي يشترط لصحة عقد الزواج إ
خطة البحث :
مقــــدمة
المبحث الأول : ماهية التنازع الإيجابي (التعدد )
- المطلب الأول: مفهومه وأسبابه
- المطلب الثاني : مشاكله والحلول الوقائية والعلاجية
المبحث الثاني : ماهية التنازع السلبي (الانعدام )
- المطلب الأول : مفهومه وأسبابه
- المطلب الثاني : مشاكله والحلول الوقائية والعلاجية له
خـــاتمة
قواعد الجنسية تحددها كل دولة وفق :
· قواعد محددة وضعها بصفة انفرادية
· < /SPAN>ووفق مصطلح حرية الدولة تضع هذه القواعد لتحقيق مصالحها أهدافها
· هذا أدى إلى اختلاف الأسس من دولة إلى أخرى
واختلاف الشروط القانونية الواجب توفرها على الجنسية
هذا ما عالجه الفقه تحت عنوان :
تعدد الجنسيات ــــــ تنازع إيجابي
انعدام الجنسية ــــــ تنازع سلبي
لهذا كانت الإشكالية التالية :
ماهية التنازع بنوعيه الإيجابي عند تعدد الجنسيات أو السلبي عند الانعدام ؟ وما هي المشاكل الناتجة عنه ؟
وما هي الحلول المقترحة لتفادي هذا المشكل ؟
1- التنازع الإيجابي :
أ- مفهومه : هو تنازع الجنسيات تنازع إيجابي أي تمتع الشخص بجنسيتين أو أكثر بصفة قانونية وصحية ضمن الطرق القانونية في تلك الدولة التي يحمل جنسيتها
ب- أسبابه:
* أسباب معاصرة للميلاد :
1- اختلاف أساس الجنسية بين الدول
2- اختلاف جنسية الأب عن جنسية الأم
3- تعدد جنسية الأب أو الأم المبنية على علاقة الدم
4- تغيير جنسية الأب بعد الحمل وقبل الولادة
· أسباب لاحقة :
1- التجنس
2- الزواج المختلط < /FONT>
3- استرداد الجنسية
4- ضم جزء من إقليم دولة إلى دولة أخرى
ج- مشاكل هذا التعدد
1- تأدية الخدمة العسكرية
2- عدم استطاعة الشخص في حالة الحرب بالدفاع عن الدولتين في آن واحد معا
3- اعتبار الشخص المتمتع بالجنسيتين خائنا
4- تعدد ظاهرة تعدد الجنسيات مع مفهوم الجنسية
5- الحماية الدبلوماسية في حالة تعدد الجنسيات لشخص واحد
6- & nbsp; تعارض إلتزامات الشخص المتعدد الجنسية وعدم استطاعته القيام بها في وقت واحد
د- الحلول الوقائية والعلاجية لمحاربة ظاهرة تعدد الجنسيات :
1- الحلول الوقائية : نادى بها الفقه وعملت بها بعض التشريعات وأيدها القضاء
· توحيد الأساس الذي تب نى عليه الجنسية بين كافة الدول
· الأخذ بالأولوية بين أسس الجنسية
· التقادم المسقط للجنسية
· ضرورة انفراد الأباء في الدولة المانعة لجنسيتها بناءا على حق الدم
· تلاقي التعدد عن طريق التجنيس
· محاربة التعدد عن طريق الزواج
· محاربة التعدد عن طريق حق الإختيار
2- الحلول العلاجية : مصدر هذه الحلول فقهيا وتشريعيا وأحكام قضائية ودولية ومعاهدات دولية
· تطبيق قانون جنسية القاضي : ( أخذ بها المشرع الجزائري في المادة 22/2 من القانون المدني )
· الأخذ بالجنسية الفعلية
· الأخذ بالجنسية الأقرب إلى القاضي
· تفضل الجنسية الأولى على باقي الجنسيات
< FONT color=#000000>· الاقتداء بمعيار الموطن المتعدد الجنسيات
· الأخذ بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية
· المعاهدات خاصة بالخدمة العسكرية : - اتفاقية مجلس أوربي لسنة 1963
- بروتوكول الملحق باتفاقية لاهاي سنة 1930
2/ التنازع السلبي :
أ- مفهومه : هو انعدام جنسية الشخص ميلاده أو يكون من تاريخ لاحق للميلاد هذا يرتب عدم التبعية السياسية والقانونية لأي دولة من يجعل الشخص متعرض لعدة مشاكل
أ- * أسبابه
1- &nb sp; * أسباب انعدام الجنسية المعاصرة
· اختلاف الأساس القانوني بين الدول
· الميلاد فوق دولة تبنى جنسيتها على حق الدم من أبوين عديمي الجنسية أو مجهولي النسب
· ونص المشرع الوطني منح الجنسية لبعض من العناصر
2- الأسباب اللاحقة التي تؤدي إلى الانعدام :
· السحب والإسقاط ( التجريد )
· الزواج
· التجنس
ج- المشاكل المترتبة على هذا الانعدام : هناك جملة من المشاكل القانونية متعددة الجوانب يصعب تحديدها لأن عديم الجنسية يصبح من ناحية قانونية وفق لمفهوم الجنسية لا يرتبط بأي دولة رغم هذا نجد :
1- عدم الحماية القانونية
2- عدم وجود موطن قانوني لعديم الجنسية
3- ; طرد عديم الجنسية وابعاده من كل الدول
4- عدم إمكانية تحديد حقوق وواجبات عديم الجنسية
5- صعوبة تحديد القانون الواجب التطبيق على الأحوال الشخصية لعديم الجنسية
د- الوسائل الوقائية والعلاجية لمحاربة انعدام الجنسية :
1- الوسائل الوقائية :
· الوسائل المعاصرة للميلاد : هذه الوسائل تكون بعد الميلاد
- عن طريق التجنس
- عن طريق الزواج
- التخفيف من نزع الدولة لجنسية الشخص
* الوسائل العلاجية :
أولا : بالنسبة إلى القانون الواجب التطبيق على الأحوال الشخصية (عديم الجنسية ):
1- الأخذ بقانون الدولة التي ولد فيها عديم الجنسية
2- الأخذ بقانون آخر دولة تمتع عديم الجنسية بجنسيتها
3- الأخذ بقانون القاضي
4- الأخذ بقانون الدولة التي يرتبط بها عديم الجنسية من الناحية الواقعية أكثر من بقية الدول
ثانيا : بالنسبة إلى تحديد مركز عديم الجنسية بين الأجانب :
اختلافهما في المركز القانوني بين :
1- أجانب
2- عديم الجنسية
يولد نتائج :
* أن عديم الجنسية لنظام خاص يراعى فيه وضعيته :
1- يستطيع أن يعيش فوق إقليم الدولة التي يتمتع بجنسيتها ويتمتع بحمايتها
2- تمتعه ببعض ال وثائق التي تسهل له التنقل عبر الحدود بين الدول
3- إعطاؤه وثائق سفر دولية من طرف هيئة الأمم المتحدة ليستطيعى التنقل من مكان إلى آخر
4- التمتع ببعض الحقوق التي تمتع بها بعض الأجانب في مقابل تأديته لبعض الالتزامات مثل الخدمة العسكرية
ثالثا : بالنسبة للإبعاد :
يرى هذا الفريق : أن لا ضرورة من إبعاد أي شخص من ترابه يكفي تعويض هذه العقوبة بعقوبة أقل درجة
نقد لم يلقى تأييد من طرف كل الدول لأن الدول تتمتع بمبدأ حريتها فوق إقليمها واتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لتحقيق مصالحها
خاتمة : تعرض لكل من تنازع سلبي أو إيجابي والمشاكل والحلول إلا أن الحلول تحتاج إلى المزيد لتخفيف حدة هذه المشاكل
المبحث الأول : عناصر قواعد الإسناد
المطلب الأول : الفئة المسندة
المطلب الثاني : ضابط الإسناد
المبحث الثاني : مميزات قاعدة الإسناد
المطلب الأول : قواعد الإسناد قواعد غير مباشرة
المطلب الثاني : قواعد الإسناد قواعد مزدوجة
المطلب الثالث : قواعد الإسناد قواعد محايدة
مقدمة
بعد إنتهاء القاضي من عملية التكييف ومحاولته إدخال العلاقة القانونية في أخذ النظم المعية في قانونه ينتقل إلى البحث على القانون الواجب التطبيق على العلاقة محل النظر وهذا ما يعرف بالإسناد .
فالإسناد عملية تأتي بعد عملية التكييف وهو كما قلنا عملية البحث عن القانون الواجب التبيق أي أسند حكمها إلى القانون الذي يجب أن تخضع له . ولكي نتمكن من الخوض أكثر في الإسناد وقواعده لابد م ن طرح الإشكالية الآتية :
ماهي عناصر الإسناد ؟ وماهي خصائص ومميزات هذه القواعد ؟
المبحث الأول : عناصر قواعد الإسناد
تتركب قاعدة الإسناد من عنصرين هما : الفئة المسندة وضابط الإسناد
المطلب الأول : الفئة المسندة أو ما يسمى بالفكرة المسندة
نظرا لكثرة المسائل القانونية بحيث لا يمكن حصرها ولا وضع لكل منها قاعدة إسناد خاصة بها . فقد قام المشرع بتصنيف العلاقات ذات الصفة الأجنبية إلى فئات متعددة تشتمل كل فئة منها على مجموعة العلاقات المتشابهة وهذه الفئات تسمى الفئات المسندة أو أفكار مسندة .
ثم يقوم المشرع بربط كل فئة بقانون معين عن طريق معيار خاص هو ضابط الإسناد .
ومثال ذلك إخضاع الأهلية لقانون الجنسية م 10 ق.م.ج فهي بذلك تشكل فئة مسندة تتضمن جملة من المسائل القانونية ومثال ذلك كذلك إخضاع الإلتزامات التعاقدية لقانون الإرادة م 18 ق.م.ج ( عقد إيجار، عقد وديعة .... ) .
وتشكل التصرفات القانونية مشتملة على عنصر أجنبي فإن أول عمل يقوم به القاضي هو البحث عن الفئة المسندة التي تندرج تحتها تلك المسألة ليعرف القانون الواجب التطبيق عليها .
المطلب الثاني : ضابط الإسناد أو ما يسمى بظرف الإسناد
هو المعيار الذي يختاره المشرع للإرشاد إلى القانون الواجب التطبيق أو أداة ربط بين الفئة المسندة والقانون المسند إليه .
فمثلا في المادة 11 ق.معندما أخضع المشرع الجزائري فقاعدة الإسناد هذه جعلت من الجنسية ضابطا للإسناد وخضوع شكل التصرفات القانونية لقانون بلد الإبرام قد جعلت هذه القاعدة بلد الإبرام ضابطا لللإسناد .
يفترض أن لكل فئة مسندة ضابط إسناد وحيد يتحدد بمقتضاه القانون الواجب التطبيق إلا أنه يمكن أن يكون لكل فئة أكثر من ضابط ومثال ذلك المادة 16 / 2 ق.م.ج التي تبين أن شكل الوصية يخضع لقانون الموصي أو لقانون البلد الذي تمت فيه الوصية والضابطان هنا إختياريان : قانون الموصي أو البلد الذي تمت فيه الوصية .
وقد يكون الضابط الأول أصلي والثاني إختياري يؤخذ به في حالة تعذر الأخذ بالأول ومثال ذلك المادة 18 ق.م.ج التي تجعل للإلتزامات التعاقدية قانون الإرادة وهو الضابط الأصلي وقانون بلد الإبرام هو الإحتياطي .
وهذا بالنسبة لعناصر قاعدة الإسناد وهناك من يضيف عنصرا ثالثا وهو القانون المسند إليه ويقصد به أن يكون القانون المختص وهو قانون دولة معينة ثبت لها كيان وفقا لأحكام القانون الدولي العام وتكون دولة القاضي معترفة بها ذلك لأن عدم الإعتراف ينبني عليه إنعدام الشخصية القانونية لدولة غير المعترف بها .
المبحث الثاني : مميزات قواعد الإسناد
تختص قواعد الإسناد بثلاثة مميزات تنفرد بها عن غيرها من قواعد القانون الدولي الخاص الأخرى ، وهذه المميزات هي :
1/ أنها قواعد غير مباشرة
2/ أنها قواعد مزدوجــة
3/ أنها قواعد محايـــدة
المطلب الأول : قواعد الإسناد غير مباشرة
لا ترشد قواعد الإسناد القاضي إلى الحل النهائي للنزاع محل نظره بل تكتفي ببيان قانون الذي يخضع له هذا النزاع ، وفي هذا القانون يجد القواعد القانوية التي سيطبقها عليه النزاع في حالة وجود عنصر أجنبي .
فمثلا قاعدة الإسناد الخاصة للأهلية لا تبين لنا السن الذي عند بلوغه يكون الشخص كامل الأهلية وإنما تكتفي فقط ببيان القانون الذي سيتكفل ببيان هذا السن وهكذا لجميع قواعد الإسناد بخلاف قواعد القانون الدولي الخاص الأخرى التي تعطي الحل مباشرة للنزاع فالقواعد المنظمة للجنسية تبين مباشرة من هم رعايا الدولة ، والقواعد المنظمة لمركز الاجانب تبين مباشرة الحقوق التي يتمتع بها الأجنبي والإلتزامات التي يتحملها وهكذا ...
المطلب الثاني : قواعد الإسناد قواعد مزدوجة
يقصد بالصفة المزدوجة لقاعدة الإسناد أنها تجعل الإختصاص إما للقانون الوطني، وإما للقانون الأجنبي وذلك حسب نوع المسألة القانونية
فمثلا القاعدة التي تقضي بخضوع الأهلية لقانون الجنسية قد تشير إختصاص القانون الجزائري ، وقد تشير بإختصاص القانون الأجنبي ، وذلك حسب الجنسية التي يحملها المعني.
وتفيد هذه الميزة في قاعدة الإسناد أنها لا تترك فراغا في مشكلة التنازع إذ أنها تجعل الإختصاص بالنسبة المسألة المطروحة على القاضي أما لقانونه أو للقانون الأجنبي .
وينتقد بعض الفقهاء هذه الميزة في قاعدة الإسناد حين يرى أن تقتصر فقط على بيان الأحوال التي يطبق فيها القانون الوطني دون الإشارة إلى الأحوال التي يطبق فيها القانون الأجنبي ، فيريدها بذلك أن تكون مفردة وليست مزدوجة ، كنص القاعدة الواردة في المادة 3/فقرة 3 من القانون المدني الفرنسي والتي تقضي بأن ((القوانين الخاصة لحالة الأشخاص وأهليتهم تحكم الفرنسي ولو كان مقيما في بلد أجنبي ))
ومن الحجج التي يبديها هؤلاء الفقهاء أن الدولة لا يمكن أن تعطي الإختصاص لقانون دولة أخرى في حالة ما إذا كانت هذه الدولة ترفض الإختصاص المحول لقانونها .
لو سلمنا –جدلا- بما ذهب إليه هؤلاء الفقهاء لوجدنا قصورا واضحا في إيجاد حل في حالتين:
الأولى : لما تستند لها كل دولة لها علاقة بنزاع الإختصاص لقانونها .
الثانية : لما ترفض كل دولة لها علاقة بنزاع جعل الإختصاص لقانونها هذا القصور دفع القضاء الفرنسي إلى إعتبار قاعدة الإسناد الواردة في م 3 من ق.م.ق –سابقة الذكر- مزدوجة رغم ورودها مفردة فقال بأنه إذا كان القانون الفرنسي هو المطبق على الفرنسيين حتى ولو كانوا في الخارج ، فبمفهوم المخالفة فإن القوانين الشخصية للأجانب الخاصة بحالتهم وأهليتهم، تتبعهم حتى ولو كانوا في فرنسا .
المطلب الثالث : قواعد الإسناد قواعد محايدة
القاضي عندما يعمل قاعدة الإسناد فإنه يجهل نوع الحل الذي سيعطيه للنزاع لأن ذلك متوقف على معرفة مضمون القانون الذي سيطبقه على النزاع ، وهذا القانون قد يكون قانونه وقد يكون قانونا اجنبيا .
هذه الميزة لا توجد في القواعد القانونية ال أخرى غير أن بعض الفقهاء لا يقرون بذلك ويرون أن صفة الحياد تشمل كل القواعد القانونية .
الخاتمة
إن قاعدة الإسناد هي جزء من قانون القاضي يتعين عليه تطبيقها من تلقاء نفسه ولإعتبارات تتعلق بصميم النظام العام ولتحقيق التعايش المشترك بين النظم القانونية المختلفة .
فالقاضي لما قلنا عندما تعرض عليه مسألة قانونية ذات عنصر أجنبي يبحث عن الفئة التي يمكن أن يدرجها تحتها من بين الفئات التي تتضمنها قواعد الإسناد في قانونه .
وبعد أن يحدد الفئة يكون قد عرف القانون الواجب التطبيق عليها وهذه المعرفة لا تنهي كل أشكال بل يطرا إشكال آخر وهو هل القاضي يرجع إلى القانون الأجنبي بإعتباره كلا لا يتجزأمما يفرض عليه إستشارة قواعد الإسناد التي يتضمنها أم أنه يرجع مباشرة إلى القواعد الموضوعية التي يتضمنها ويطبقها على العلاقة القانونية المطروحة عليه وهو بذلك يستبعد قواعد الإسناد التي يتضمنها وهذ ما يعرف بالإحالة والتي سيتناولها الزملاء في البحث المقبل
المبحث الأول: التكييف وفقا لقانون القضية وتمسك الطاعن كراسلانيس به
المطلب الأول : تعريف التكييف ومضمونه وفقا لقانون القضية ونتائجه المثارة في النزاع
الواقع هو أن تحديد الوصف القانون الملائم للعلاقة القانونية مسألة مقررة قبل أن يطبق القاضي القانون المختص على الوقائع محل النزاع سواء في القانون الداخلي أو الدولي .
مثلا : قاضي لتحقيق يحدد ما إذا كان سلب مال الغير هو من قبيل السرقة أو النصب أو خيانة الأمانة كذلك القاضي لمدني يفصل أولا في ما إذا كان اتفاق الأطراف موضوعه وعد بالبيع أو بيع متوقف على شرط .. وهكذا يجب تحديد الطبيعة القانونية قبل تطبيق القانون عليه ، ويمارس القاضي هذه المهمة بتكييف الوقائع ضمن تفسير أحكام القانون تستخلص من هذا أن التكييف عملية أولية معروفة في القانون الداخلي لكن التكييف في القانون الدولي الخاص شيء آخر حيث أن القاضي لما تفرض عليه مسالة قانونية ذات عنصر أجنبي فإن أول ما يقوم به هو البحث عن الفئة التي يمكن أن يدرجها تحتها من بين الفئات التي تتضمنها قواعد الإسناد في قانونه فنقول أنه قام بالتكييف .
إذن : فالتكييف في القانون الدولي الخاص يؤدي إلى وضع المسألة محل النزاع ضمن فئة من الفئات النظم القانونية المقررة في قانون القاضي تمهيدا لإسنادها إلى القانون المختص .
كما يمكن أن نعرف التكييف بأنه تحديد طبيعة المسألة التي تتنازعها القوانين لوضعها في إحدى الفئات القانونية التي خصها المشرع بقاعدة إسناد .
بمعنى أن التكييف في القانون الدولي الخاص يختلف عنه في القانون الداخلي من حيث الهدف ففي القانون الداخلي يؤدي التكييف إلى تحديد النص القانوني الموضوعي الواجب التطبيق فلما يكيف القاضي المدني الرابطة التعاقدية بأنها عقد بيع مثلا مباشرة تطبق على هذا العقد قواعد عقد البيع المتضمنة في القانون المدني أم التكييف في القانون الدولي الخاص يؤدي إلى وضع المسألة محل النزاع ضمن طائفة من طوائف النظم القانونية المقررة في قانون القاضي وذلك تمهيدا لإسنادها إلى القانون المختص ففي قضية الحال لما قام القاضي في النزاع المطروح عليه بالنظر إليه حلل المسألة المتعلقة بعقد الزواج وأعطاه وصف شكل التصرفات وبالتالي أدخله ضمن فئة شكل العقود ولم يدخله ضمن فئة الأهلية للأشخاص .فالقاضي هنا يبحث عن الفئة المسندة التي تشمل المسألة القانونية ال مطروحة عليه وهي الفئة المتعلقة بشكل العقود وهذه العملية ما هي إلا تكييف أولي الهدف منه هو معرفة القانون الواجب التطبيق .
إن الأساس الذي يقوم عليه نظرية قانون القضية هو أن الرجوع إلى القانون غير القانون المختص يرتب نتائج غير منطقية وغير مقبولة إذ قد يؤدي ذلك إلى عدم تطبيق القانون المختص على الرغم من أن مشرعه الوطني قد أعطى له الاختصاص وأراد له أن يطبق
والتكييف ليس هو المشكلة في حد ذاته وإنما المشكل في التنازع في التكييف أي انه إذا كانت المسألة القانونية المطروحة على القاضي لها علاقة بقوانين عدة دول مثل القضايا الثلاث التي طرحت على القضاء الفرنسي وهي :
قضية مي راث المالطي –وصية الهولندي – زواج اليوناني .
وتتلخص وقائع قضية ميراث المالطي في : بعد انعقاد الزواج في مالطا انتقل الزوجان إلى الجزائر –كانت تابعة لفرنسا ذلك الوقت – واتخذا منها موطنا لهما وتملك الزوج بعض العقارات ثم توفي ، طالبت الزوجة بعد وفاة زوجها بحقها في ترك من عقارات مدعية أمام محكمة الجزائر أن لها حقا على العقارات المتروكة يسمى " بنصيب الزوج المحتاج " وهو حق مقرر لها بمقتضى نصوص القانون المالطي فتردد القاضي المعروض عليه النزاع بين تطبيق القانون المالطي والقانون الفرنسي .
لو أعتبر هنا ما تطلبه الزوجة حقا في الميراث لخضع للقانون الفرنسي وذلك وفقا لقاعدة الإسناد فيه والتي تقضي بإخضاع الميراث في العقار لقانون موقعه وإذا ما اعتبر ما تطالب به الزوجة من نظام الأموال بين الزوجين لخضع للقانون المالطي وذلك وفقا لقاعدة الإسناد في القانون الفرنسي التي تقضي بإخضاع النظام المالي للزوجين لقانون الإرادة الضمنية أي قانون موطن الزوجية وهو القانون المالطي إذن إذا اعتبرت محكمة الاستئناف الجزائرية طلب الزوجة المالطية من الميراث فإن القانون الفرنسي هو الواجب التطبيق في هذه لحالة وفقا لقواعد الإسناد الفرنسية بوصفه قانون موقع العقار وهذا يترتب عليه رفض إدعاء الزوجة لأن القانون الفرنسي يجهل الحق المسمى " نصيب الزوج المحتاج ".
أما إذا كيفت المحكمة الموضوع على أنه يتعلق بالنظام المالي للزوجين فإن القانون المالطي هو الواجب التطبيق وذلك وفقا لقواعد الإسناد الفرنسية بوصفه قانون الموطن الأول للزوجية وهنا يتعين الحكم بأحقية الزوجة في دعواه .
نلاحظ أن الفكرة الرئيسية لاتجاه قانون القضية أن لكل قانون تكييفاته والمقصود بذلك أن يرجع القاضي عند قيامه بتحديد طبيعة المسألة المتنازع فيها إلى القانون الواجب التطبيق عليها دون البحث في القوانين الأخرى لقانون القاضي أو القانون المقارن ففي مثال وصية الهولندي يجب إجراء تكييف القاعدة الواردة في المادة 992 من القانون المدني الهولندي التي تجبر على الهولنديين حتى خارج هولندا إجراء وصاياهم في الشكل العرفي الخطي وفقا للقانون الهولندي فلما كان هذا القانون يعتبر هذا الخطر متعلقا بأهلية الهولنديين فإن أي تكييف غيره يعطى له يعتبر تشويها لطبيعته الحقيقية .
ويرى جانب من الفقهاء القانون الدولي الخاص وعلى رأسهم " ولف " أن تحديد طبيعة العلاقة أو المركز محل النزاع يجب أن يتم وفقا للقانون المختص بحكم الموضوع هذا ، فإذا قرر المشرع إخضاع شكل التصرفات لقانون بلد إبرامها ، فإن تحديد فكرة الشكل هو أمر يتعين الرجوع في شأنه إلى قانون بلد إبرام التصرف
وفي قضية الحال المثارة في قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 22/06/1955 فإن زواج اليوناني " كراسلانيس " في فرنسا رواجا مدنيا فطبقا لقانون القضية فإن القانون اليوناني هو الذي يبين ما إذا كان شرط المراسيم الدينية الذي يشترطه هو شرط موضوعي أم شرط شكلي ، وهذا ما تمسك به الطاعن " كراسلانيس " في قضية الحال حيث طعنه أسس على وجه مضمونه :
بأن الزواج غير موجود أصلا في نظر القانون اليوناني الذي يشترط لصحة عقد الزواج إ